نقبل في الأيام القليلة القادمة على سنة ميلادية جديدة تتزامن مع ظروف غير اعتيادية، إذ يعاني العالم من تبعات جائحة كورونا صحيا واقتصاديا متواصلة منذ أكثر من عامين، وخاصّة في تونس. ورغم هذه الظروف الصعبة تمكنت نساء تونسيات من تحقيق إنجازات في مختلف المجالات. سنتعرف على أبرزهن في هذه الحوصلة.

 ففي سابقة في التاريخ التونسي، ميّز المشهد السياسي في تونس سنة 2021 ترأس امرأة وهي نجلاء بودن رمضان رئاسة الحكومة، بعد تكليفها من قبل الرئيس قيس سعيّد. وفي ظروف سياسية واجتماعية واقتصادية متوترة تعيشها تونس مثل قرار تعيين بودن بادرة أمل جديدة للمرأة التونسية ولقي ترحيبا لدى التونسيين وتفاعلا عربيا ودوليا واسعا بعد أن أصبحت نجلاء بودن أول امرأة تسمى لتولي رئاسة الحكومة في تونس.

بعيداً عن السياسة، سجلت المرأة التونسية كذلك في مجال الرياضة خلال سنة 2021 نجاحات فردية وجماعية مشرفة في المحافل الدولية والقارية، وبعد سنة بيضاء على الصعيد الرياضي العالمي توقفت فيها البطولات عام 2020 وتاجل بعضها جراء جائحة كورونا. كانت سنة 2021 الأفضل في مسيرة البطلة التونسية أنس جابر،التي تمكنت من تحقيق أهدافها التي خططت لها وجعلتها من نجوم اللعبة في العالم، ومصدر فخر لكل العرب بعد المكاسب الكبيرة التي حققتها وبروزها بشكل مميز طوال السنة.

سنة 2021، نقطة تحوّل بارزة في مسيرة أنس، التي نجحت في كتابة أحد أهم نجاحات الرياضات الفردية ونجحت للمرة الأولى في الحصول على لقب في مسيرتها الرياضية في دورة برمنغهام وتدريجياً نجحت أنس جابر في الوصول إلى المرتبة السابعة عالمياً في شهر نوفمبر من هذا العام وهو أفضل ترتيب للاعبة عربية على مرّ التاريخ، ورغم أنها تراجعت للمركز العاشر في نهاية العام بسبب الإصابات التي تعرضت لها، إلا أن ذلك لا يمنع من اعتبار هذه السنة تاريخية بكل المقاييس. أنس اختتمت ألسنة أيضا مضيئةً واجهة برج المبادلة في الامارات بعد أن أصبحت كذلك أول لاعب تنس عربي يتوج ببطولة مبادلة للتنس منذ تأسيسها. 

بعد تتويجها بذهبية في أولمبياد الشباب لرفع الأثقال، وذهبية الألعاب المتوسطية، وذهبية بطولة العالم، و9 ميداليات ذهبية عربية خلال موسم 2018. جاءت الإصابة لتوقف بطلة رفع الأثقال التونسية غفران بالخير عن اللعب. وفي الوقت الذي ظن فيه الكثيرون أنها وصلت إلى نهاية مشوارها الرياضي، عادت غفران بعد التعافي وأحرزت في وقت قياسي 3 ميداليات ذهبية في بطولة العالم لعام 2021 في سن لم تتجاوز فيه الـ 19 عاما.

غفران أبت أن ينقضي هذا العام دون كتابة التاريخ بفضل تألقها في بطولة العالم لرفع الأثقال في طشقند، وتمكنت من التتويج بذهبيتي الخطف والمجموع، وبرونزية النتر في وزن 55 كغ بمجموع 203 كغ. وهي الأولى لتونس في تاريخ مشاركاتها في بطولة العالم.

كذلك تمكنت البطلة البارالمبية التونسية روعة التليلي من صنع الحدث بعد منافسة شديدة وأداء قوي لتحطم الرقمين القياسي العالمي والقياسي البارالمبي في مسابقة رمي القرص لفئة "أف 41"، لتحرز ذهبية الألعاب البارالمبية في طوكيو لتختم مشاركتها بالذهبية الثانية التي رفعت حصيلتها من الذهب في مسيرة متميزة للبطلة التونسية. وبحصولها على ذهبية الألعاب البارالمبية بطوكيو تسجل روعة التليلي الميدالية الذهبية البرالمبية الخامسة لها على التوالي، وذلك بعد دورة بيكين 2008 ولندن 2012 وريو 2016. 

نجاح رياضي أخر للمرأة التونسية كان من نصيب هالة بالحاج محمد، تونسية قررت احتراف رياضة لم تكن مألوفة للكثيرات من بنات جيلها، وهي رياضة تجديف الشاطئ. لم تمارسها فقط بل تركت فيها بصمة لتحرزت قبل أشهر ذهبية بطولة العالم لتجديف الشاطئ في صنف الوسطيات. 

علمياً أيضا حققت المرأة التونسية التميز في هذا العام ،بعد أن وقعت وكالة فضاء روسية وشركة "تلنات" التونسية بمواكبة الرئيس التونسي، قيس سعيد، اتفاقية لإرسال أول رائدة فضاء تونسية في مهمة إلى الفضاء الخارجي من المتوقع أن تتم أواخر العام 2022 أو بداية 2023، في رحلة تعتبر الأولى من نوعها ليس فقط بالنسبة لتونس بل بالنسبة لدول شمال أفريقيا.

الجدير بالذكر، أن اختيار امرأة كأول رائدة فضاء ليس فقط في تاريخ تونس لكن في تاريخ أفريقيا، يجعل من الحدث سابقة فريدة بالنسبة لمعظم دول العالم. ويشار إلى أن توقيع الاتفاقية تم اليوم بالذات بالتزامن مع احتفال تونس بيوم المرأة، الأمر الذي أضفى لهذا الحدث رمزية كبيرة.

واختتمت في ديسمبر الماضي، حصيلة المرأة التونسية من النجاح والتألق العلمي، المهندسة سلمى بركاوي بحصولها على شهادة الدكتوراه في علوم الفضاء متوّجة سنوات من العمل قضتها في وكالة الفضاء الفرنسية، بالإضافة إلى زيارات ومهمات متعددة في دول أخرى خاصة منها الولايات المتحدة الأمريكية عبر وكالة ناسا للفضاء.

 لتكون سنة 2021 موسم تألق وبروز لنساء تونس دون من أتينا على ذكرهن أيضا ممن حملنا راية تونس عاليا وشرفن البلد أفضل تشريف سوى أن كان ذلك رياضيا أو فكريا أو ثقافيا لتضّل المرأة التونسية نموذجا للنجاح وقادرة على التميّز في شتّى المجالات.