من مضطهد في فترة نظام بن علي إلى سياسي ناجح في كندا..قصة نجاح التونسي محمد غراد

من مضطهد في فترة نظام بن علي إلى سياسي ناجح في كندا..قصة نجاح التونسي محمد غراد

ALLOBLEDIالجمعة 12 نوفمبر 2021 - 15:59

محمد غراد شاب تونسي مقيم في كندا إبن المدرسة التونسية عاصر نظام الرئيس الأسبق زين العابدين بن علي عن قرب وكان له نصيب من استبداده وبطشه نظرا للإنتماءات السياسية لعائلته في تلك الفترة فتحمل تداعياتها الوخيمة عليه رغم صغر سنه وجهله بما يجري حوله .

لم تكن هذه العواقب التي اعترضت محمد عائقا يحول دون استكماله لمساره الدراسي والعلمي بل مثلت حافزا دفعه إلى أبعد نقطة ، ليستطيع بذلك أن يقطع اشواطا هامة وطويلة في فترة وجيزة مثبتا  ذاته كمسلم في  بلد أجنبي  ناحتا قصة نجاح ملهمة و فريدة .

طفولة ...

نشأ محمد غراد في عائلة ذات توجهات سياسية، تشبثت بمبادئها خلال فترة حكم الرئيس الأسبق بن علي ، التي كانت تتميز بالإستبداد ، فكان لها نصيبا من ممارسات النظام على معارضيه في تلك الفترة من سجن وتعذيب و إقصاء لتكون حياة عائلة محمد مختلفة عن أي عائلة ...لا وجود لأب لفترات طويلة دون تقديم الام لأي توضيحات أو حقائق .

نظام بن علي ..غياب الأب ..عدم توازن ...العودة 

مارس نظام بن علي على عائلة محمد مضياقات عديدة فإضطرت العائلة إلى تغيير مكان سكناها من العاصمة إلى مدينة بني خلاد من ولاية نابل في الوطن القبلي التونسي، حماية لها و لأطفالها لكنه لم يكن مهربا من أيادي النظام الطائلة و تواصلت المضيقات خصوصا على الأب، أكثر المستهدفين من النظام ، الذي مارس عليه كل أشكال العنف المادي والمعنوي  والتعذيب . فأصبح  يغيب  فترات طويلة عن انظار أطفاله ليقضي 15 سنة وراء  القضبان دون تقديم العائلة لتوضيحات أو أسباب لغيابه فتمحى صورته بعض الشيء من أذهان أطفاله الذين يعتقدون أنه يعمل كأمني في السجن  ...

عودة الأب ..لكن

بعد غياب 15 سنة عاد الأب "المسافر " إلى احضان عائلته ليضم أبناءه من جديد ..لكن طول فترة الغياب خلقت نوع من عدم التقبل في البداية لدور الأب في يومي ابنائه، يقول محمد "كان رجوع البو بعد 15 سنة حاجة صعيبة.."   

حياة محمد الدراسية ..فترة البكالوريا.. والنظام الاستبدادي 

أصبح محمد شابا وإحتك بواقع عائلته وادرك ما يجري حوله و ازدادت مضايقات النظام وأصبح مستهدفا مباشرة وهو ما أثر على مستقبله الدراسي فلفقت له التهم الباطلة وتعرض لكل أشكال العنف المادي والمعنوي والنفسي، الأمر الذي دفع والده للتوجه برسالة مباشرة إلى النظام السابق ليطلب منهم ترك أطفاله و مواجهته شخصيا. وتزامن ذلك مع فترة البكالوريا التي تعتبر من أهم السنوات الدراسية بالنسبة للتلميذ ..تعرض خلالها محمد إلى مضايقات عديدة وتم طرده من المعهد لمدة 15 يوم  دون أسباب. وتم استدعاؤه لأحد مراكز الأمن بالجهة  بتهمة الاعتداء على عون أمن . حينها لم يبقى أمام محمد سوى 3 اسابيع لإجتياز إمتحان البكالوريا وهو لا يملك  أي وثائق للمراجعة ...

نجح محمد في إجتياز البكالوريا وسط ذهول من إدارة المعهد التي كانت من أشد معارضيه واقتربت نهاية معاناته مع النظام الاستبدادي حين قرر أن يهاجر إلى كندا لإستكمال مساره الجامعي في  علوم الكمبيوتر ثم في مجال إدارة شبكات الكمبيوتر .

كندا رحلة جديدة ...الثورة  ...مشوار محمد السياسي  مع حركة النهضة ...الاستقالة 

هاجر محمد إلى كندا ودرس إدارة شبكات الكمبيوتر ثم توجه إلى مجال مختلف تماما ليدرس الأدب الانجليزي ثم العلاقات العامة والتواصل ،لم تكن رحلته سهلة بل إضطر محمد للعمل كغاسل صحون لتأمين متطلباته المعيشية هناك ، وضل محمد يعمل ويكد من أجل مستقبله  بعيدا عن كل ضغوطات ... إلى أن أتت الثورة التونسية وسقط النظام الذي كان يضطهد محمد وعائلته لسنوات عديدة .

لحظة سقوط نظام بن علي كان لمحمد ردت فعل غريبة بعض الشيء يروي محمد يومها " منجمش نفسر اش صرلي ليلتها ..ليلتها لبست كبوطي وقعدت نمشي في شارع ..باردة علخر ..قعدت نمشي 3 سوايع ..رجعلي سيناريو حياتي ولي صار فيا .." 

إنخرط   محمد صلب حركة النهضة  كعضو مكتب العلاقات الخارجية للحركة في تونس وكان مستشار إعلام وإتصال لشخصيتين سياسيتين نسائيتين في حملتهما الانتخابية وهما محرزية العبيدي  بثينة بن يغلان .لكن  سرعان ما إنتهى  مشواره مع الحركة إنتهى في 2019 حين أعلن استقالته من مكتب الحركة دون ذكر الأسباب.

السياسة في كندا ...حملة جاستن ترودو الانتخابية  

تواصل عمل محمد الدؤوب وإنخرط في المجتمع المدني الكندي فأصبح متطوعا و شارك في العديد من الأعمال الخيرية والثقافية التي تعود بالنفع على الجالية المسلمة في كندا ثم إنخرط اثرها في الحزب الليبرالي الكندي ليبدأ مشواره السياسي بإعتبار أن الحزب يتماشى مع ميولاته السياسية خاصة وأنه يدافع على الأقلية المسلمة في كندا.

من هنا كانت إنطلاقة محمد حيث لعب دورا هاما في حملة رئيس كندا الحالي جاستن ترودو و فرض نفسه رغم أن العديد من الأشخاص حذروه من ردود الفعل العنصرية التي من الممكن أن تطاله خلال الحملة الانتخابية كمسلم لكن حدث العكس ..لاقى محمد إستحسان الكنديين ورحبوا به في منازلهم وهو ما أثار دهشة الفريق المرافق. 

في 2015 أصبح محمد مستشارا الاتصالات لجاستن ترودو خلال حملته الانتخابية ، ثم تولى اثرها سنة 2016 منصب مستشار في مركز الدراسات الاستراتيجية والديبلوماسية ثم مثل تونس سنة 2017 في لجنة المساواة والشباب في قمة الاتحاد الافريقي ليتم إختياره سنة 2019 ضمن قائمة أفضل 5 تونسيين في الخارج في السياسة والديبلوماسية.

لقاء اوباما ..درس 

إلتقى محمد بالرئيس الأسبق للولايات المتحدة الأمريكية براك اوباما خلال محاضرة دامت 4 ساعات قال عنها محمد أنه تلقى خلالها أعظم نصيحة في حياته" بعد 4 سوايع من القاء هذاقدم محاضرة خلالها قال فيها أهم نصيحة قعدت في مخي ، قال وقت تعمل سياسة و تسعى لمنصب أحرص بش يكون عندك هدف لناسك و لبلادك من وراء رغبتك للوصول لذلك المنصب ، على خاطر الناس الي تبحث بش توصل للمنصب فقط من أجل المنصب وبدون برامج و قتلي ما تلقى ما تقدم لناسها و بلادها و تحس مناصبها مهددة سرعان ما تلتجئ للقيام بصفقات على حساب المصلحة العامة و مصلحة الناس فقط باش تحافظ على مناصبها" .  (مقتبس من تدوينة لمحمد على فيسبوك )

 

 

 محمد غراد قصة نجاح شاب تونسي ملهمة و محفزة وغير تقليدية تحدى كل مضايقات نظام بن علي الاستبدادي والجائر وصمد أمام كل الحواجز التي وضعها له ..إختار  الهجرة لبلد أجنبي ليتمكن في مدة وجيزة من نحت إسمه في تاريخ كندا السياسي كمسلم في بلد يمارس نوعا من التمييز والنفور  على الأقلية المسلمة. 

بعض الأقوال مقتبسة من حوار مع صفحة Marsoul

فاطمة الهمامي 

  

كلمات مفتاحية


مقالات مشابهة